![العودة إلى الله وسنة نبيه ﷺ هي السبيل للخلاص في زمن الغلاء والفساد](https://mawtany.com/wp-content/uploads/2025/02/FB_IMG_1738779362582.jpg)
العودة إلى الله وسنة نبيه ﷺ هي السبيل للخلاص في زمن الغلاء والفساد
محمود سعيد برغش
في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالعالم الإسلامي اليوم، من ارتفاع الأسعار وانتشار الفساد واستغلال حاجة الناس، يتساءل الكثيرون عن السبيل للخروج من هذا الواقع الصعب، ومع تصاعد الأزمات الدولية، وخاصة ما يحدث في فلسطين من تهجير قسري وسياسات ظالمة، تزداد الحاجة إلى التمسك بتعاليم الإسلام وسنة النبي ﷺ كطريق للخلاص.
أولًا: الغلاء بين الابتلاء والعقوبة
ارتفاع الأسعار وضيق المعيشة قد يكون ابتلاءً من الله لاختبار صبر العباد، أو عقوبة على الفساد والبعد عن شرعه. يقول الله تعالى:
“وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ آمَنُوا وَٱتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ ٱلسَّمَاءِ وَٱلْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَٰهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ” (الأعراف: 96).
وهذا يؤكد أن الفساد والظلم وابتعاد الناس عن منهج الله سبب في وقوع البلاء.
وقد اشتكى الناس الغلاء إلى النبي ﷺ، فقال:
“إن الله هو المُسعِّر، القابض، الباسط، الرزاق، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال” (رواه الترمذي وأبو داود).
وهذا الحديث يدل على أن الله هو الذي يبتلي الناس بالرخاء أو الغلاء، لكن الظلم والاحتكار يزيدان الأزمة سوءًا.
—
ثانيًا: دور الحكام والتجار في الأزمة
تحريم الاحتكار:
وضع الإسلام قوانين تحمي الناس من الاستغلال، فقد قال النبي ﷺ:
“لا يحتكر إلا خاطئ” (رواه مسلم).
وقال الإمام ابن تيمية:
“إذا احتكر التجار سلعًا يحتاجها الناس، وجب على الحاكم إجبارهم على بيعها بسعر عادل”.
تدخل الدولة لكسر الاحتكار:
إذا استغل التجار حاجة الناس لرفع الأسعار، وجب على الحاكم التدخل لتحديد الأسعار، كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما منع التلاعب في السوق.
—
ثالثًا: أسباب الانهيار وعلاجه في فكر العلماء
1- الإمام ابن تيمية:
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
“إن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة” (مجموع الفتاوى 28/63).
وهذا يعني أن العدل في توزيع الثروات ومنع الاحتكار هو سبب استقرار الأمم، بينما يؤدي الظلم إلى انهيارها.
2- الإمام الشاطبي:
يقول في كتاب “الموافقات” (2/168):
“أي انحراف عن الشريعة يؤدي إلى اختلال الموازين وفساد المجتمعات”.
3- الإمام مالك:
قال الإمام مالك رحمه الله:
“لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها”.
أي أن الحل في العودة إلى نهج الصحابة والسلف الصالح، الذين بنوا حضارة الإسلام على العدل والتقوى.
—
رابعًا: الحلول الإسلامية للأزمة الاقتصادية
1. التوبة والاستغفار:
قال الله تعالى:
“فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُوا۟ رَبَّكُمْ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارًۭا، يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًۭا، وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَٰلٍۢ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّٰتٍۢ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَٰرًۭا” (نوح: 10-12).
فالاستغفار يجلب الرزق والبركة ويزيل المحن.
2. إقامة العدل ومنع الاحتكار:
يجب على الحاكم التدخل لوقف جشع التجار وإلزامهم بالتسعير العادل، كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
3. إحياء التكافل الاجتماعي:
حث الإسلام على التكافل، قال النبي ﷺ:
“مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد” (رواه مسلم).
يجب على الأغنياء دعم الفقراء، وعلى المجتمع التعاون لتخفيف الأزمات الاقتصادية.
—
خامسًا: الأحداث السياسية الراهنة – تهجير الفلسطينيين
تصريحات ترامب حول غزة
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 4 فبراير 2025 عن خطة لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، واصفًا غزة بأنها “موقع هدم”.
ردود الفعل العربية والدولية
رفضت الدول العربية هذه التصريحات، وأرسلت السعودية والإمارات وقطر ومصر والأردن رسالة احتجاج إلى الولايات المتحدة، مؤكدين أن تهجير الفلسطينيين سيؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة.
كما رفضت حركة حماس هذه التصريحات، ووصفتها بأنها “عنصرية” و”عدائية” تجاه الشعب الفلسطيني.
—
الخاتمة
لا سبيل للخلاص من الأزمات الاقتصادية والسياسية إلا بالعودة إلى الله، وإقامة العدل، ومحاربة الفساد والاحتكار.
قال الله تعالى:
“وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ” (النور: 55).
فالمسؤولية تقع على كل فرد في الأمة بالتمسك بالدين، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والسعي لإصلاح المجتمع وفق منهج الله وسنة رسوله ﷺ.